مفاتيح البركة قبل الزواج
الزواج من سنن الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - فلا ينبغي أن يرغب المسلم عن هذه السنة إلا من عذر شرعي مقبول عند الله، قال صلى الله عليه وسلم للشباب الثلاثة: "أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي"؛ رواه البخاري.
قال تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ (الروم:21)، وتنشأ المودة والرحمة بإذن الله إذا استطاع الزوجان تحقيق مفاتيح البركة.
ولتحصل أيها الموفق على البركة قبل الزواج، انتبه للتالي:
1-حدِّد الهدف من الزواج:
هناك بعض الأشخاص من يرون أنَّ الهدف من الزواج هو الشهوة الجنسيَّة، ومنهم من يرون أنَّه لبسط السيطرة والنفوذ، ومنهم من يرون أنَّه عادة، ومنهم يرونه وسيلةً للعفاف، ووسيلة للإنجاب؛ قال تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم منْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21].
2- معرفة حقوق الشريك الآخر:
من حقوق الزوج على زوجته: القوامة، الطاعة بالمعروف، الخدمة، المحافظة على نفسها وماله وأولاده، حسن الاستقبال.
ومن حقوق الزوجة على زوجها: المـهـر، النفقة والسكن، المعاشرة بالمعروف، التعليم، كف الأذى، حق المبيت.
3- كيفية اختيار شريك حياتك:
قال صلى الله عليه وسلم: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوِّجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير"؛ رواه الترمذي.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ)؛ رواه البخاري.
وأهم هذه المعايير معيار الدين والتقوى، قِيلَ للحسنِ بنِ عليٍّ رضي الله عنهما: «إنَّ لي بِنتًا، فمَن ترى أن أُزوِّجَها له؟»، فقال: «زَوِّجْها لِمَن يَتَّقي اللهَ؛ فإن أَحَبَّها أَكْرَمَها، وإن أَبْغَضَها لَم يَظْلِمْها»؛ (ابن أبي الدنيا).
4- القراءة والتعلم عن تربية الأولاد:
على الزوجين التعلم والقراءة عن تربية الأولاد قبل الزواج؛ لأن الأولاد زينة الحياة الدنيا، قال تعالى: ﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾، وبهم تسعد النفس وينشرح الصدر، وهم أجركما الذي لا ينقطع بعد مماتكما، كما قال عليه الصلاة والسلام: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له)؛ رواه مسلم.
5- توقع الخلافات الزوجية:
الحياة الزوجية شراكة بين اثنين تعتريها بعض الاختلافات في الرأي وفي العادات الأسرية مما ينتج عنها خلافات أسرية، وهنا يجب على الزوجين توقُّع مثل هذه الخلافات، وعدم النظر إلى الحياة الزوجية نظرة مثالية جدًّا خالية من الخلافات.
جاء رجل يومًا إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليشتكي إليه من زوجته، فلما وصل وجد عمر في بيته وصوت زوجته مرتفع عليه؟ فلما خرج قال له: أنا يا أمير المؤمنين، جئت أشتكي لك من زوجتي، لقيت زوجتك أعظم، قال له: تغسل ثوبي، تكنس بيتي، تربي أطفالي، أفلا نصبر على بعض أذاها.
6- السعي إلى تطوير النفس ورفع ثقافتها ومعرفتها في الحياة بشكل عام، والعلاقة الزوجية بشكل خاص، وفهم الطرف الآخر وطبيعته الشخصية، وذلك من خلال: دورات تدريبية، استشارات، كتب، مواقع الإنترنت، برامج تلفزيونية وغيرها.
7- تجنُّب الاستعدادات المكلفة التي تفوق طاقة الزوجين وقدرتهما المالية، وقد تتسبب في تراكم الديون عليكما، وتغير الحالة المعيشية؛ مما يؤدي إلى ظهور استياء في الحياة الزوجية.
واعلَمَا أن البركة في الزواج لها أسباب، ومنها: خفة المهور وقلتها، ففي الحديث الذي رواه أحمد عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أعظم النساء بركة أيسرهنَّ مؤنة".
8- الحذر كل الحذر من المعاصي والمخالفات الشرعية التي تحصل قبل الدخول على الزوجة؛ إذ إنها تذهب ببركة الزواج؛ مثل: (الخلوة المحرمة، والمكالمات الهاتفية بعد الخطبة وقبل عقد النكاح من غير سبب شرعي، التجمل للزواج بالحرام مثل: النمص والوصل).
أسأل الله أن يبارك لنا في أزواجنا وأولادنا وذريَّاتنا، وفي أعمالنا وفي أموالنا وفي بلادنا، وأن ينشر السعادة في كل بيت، وصلى الله على سيدنا محمد.